* هناك سؤال يطرحه الأهل: ما هي الحدود المسموح بها لضرب الطفل للتربية والتأديب؟ وماذا يترتب على الأهل في حال تجاوز الحد المسموح به من العنف؟
ـ إن الإسلام يرى في الطفل أمانة عند والديه، وعندما جعل الولاية للأب، فإن هذه الولاية لا تعني تسليط الأب على الطفل بشكل مطلق، بحيث يأخذ حريته في التصرف بشؤونه بحسب مزاجه، بل عليه أن يتصرف بما يصلح أمر الطفل، وليس له أن يتصرف أي تصرف ضرري أو مشتمل على مفسدة تتصل بحياته. وعلى ضوء هذا، فإن عليه أن يربّي الطفل ويستخدم كل الوسائل التي تجعله إنساناً متديناً طيباً صالحاً في أخلاقه وفي علمه وفي دينه وفي سلوكه العام مع الناس، ولا يجوز له ممارسة الضغط عليه ما دامت الوسائل الأخرى كافية للوصول إلى الهدف التربوي، أما إذا توقفت التربية على الضرب، فيجوز له ذلك بأن يضربه ضرباً تربوياً، بمعنى أن يكون الضرب وسيلةً من وسائل الضغط النفسي والجسدي، ولكن بشرط أن لا يتعسّف في ضربه. وقد وضع الشرع حداً للضرب الذي لا يوجب شيئاً، وهو أن لا يؤدي إلى احمرار الجلد احمراراً مستقلاً، فإذا بلغ ذلك يكون مأثوماً، كما أنه يجب عليه دفع الديّة (1) ولكن إذا كانت المسألة من المسائل الملحّة جداً، والتي تتصل بحماية الطفل من أخطار كبيرة يمكن أن يقع فيها، ولا يمكن ذلك إلا بالضرب المبرح، فإن ذلك جائز في هذه الحالة تحديداً، وللأب أن يتحرّى الدقة والاحتياط في تقدير الحالة من حيث وصولها إلى درجة الخطر الذي يبيح له أن يتصرف بأكثر من الوضع الطبيعي، لئلا يشتبه عليه الأمر، فيقع في الخطأ من حيث إنه يريد الصواب، أو يقع في الحرام من حيث يريد الحلال.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) مقدار الدية يتوقف على مدى الأثر الذي يتركه الضرب على الجسد، فاللون الأسود في الوجه: ثلاث ليرات ذهب تركية، والليرة تتراوح بين ثمانين وخمس وثمانين دولاراً أمريكياً في أيامنا هذه، ولا يمكن تحديد ذلك بعملة (ما) بشكل دائم، حيث تختلف أسعار الذهب باختلاف البورصة. اللون الأزرق: ليرة ونصف ذهبية. اللون الأحمر بشكل مستقر: ثلاثة أرباع الليرة. وأما إذا كانت تلك الألوان في الجسم، فتتحول إلى نصف هذه القيمة.