محمد حسن الشملاوي
﴿ فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ يونس: ٩8.
ورد في الخبر عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (مارد الله العذاب إلا عن قوم يونس). [1]
بعث الله النبي يونس بن متى (عليه السلام) إلى أهل نينوى في العراق وهو في سن الشباب و كانوا يعبدون الأصنام التي لا تنفع ولا تضر فامتثل النبي إلى ما كلفه الله من هداية البشر وإرشادهم إلى الطريق المستقيم والدعوة إلى عبادة الله وحده في أرضه ,
لكنهم لم يستجيبوا له ورموه بالموبقات وهذا شأن الأنبياء كافة , ولم يؤمن به إلا رجلين طيلة ثلاث وثلاثين سنة أحدهما عابد والآخر عالم وكان عددهم مائة ألف أو يزيدون كما ذكر في القرآن فهمَّ يونس (عليه السلام) بالدعاء عليهم فكان العابد يؤيده والعالم يعارضه فكان ينهاه ويقول لا تدع عليهم فإن الله يستجيب لك ولا يحب هلاك عباده فخرج من بين أظهرهم بعد أن دعا الله بنزول العذاب على قومه فأوحى الله إليه: [أن فيهم الحمل والجنين والطفل والشيخ الكبير والمرأة الضعيفة والمستضعف المهين وأنا الحكم العدل سبقت رحمتي غضبي لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك].
فقال يونس (عليه السلام) إن غضبي من أجل عدم استجابتهم لدعوتي فإن هذا كله من أجلك فأصر على نزول العذاب على قومه فأوحى الله إليه أخبرهم أن نزول العذاب في شوال يوم الأربعاء وسط الشهر بعد طلوع الشمس .
وبقي العالم المعارض معهم فلمّا كان يوم نزول العذاب قال العالم للقوم : يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد عنكم العذاب فقالوا : كيف نفعل؟ قال : اخرجوا وفرقوا بين النساء والأولاد وبين الإبل وأولادها وبين البقر وأولادها وبين الغنم وأولادها ثم ابكوا وادعوا فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال .
وبعدها في تفصيل رجع يونس بن متى (عليه السلام) إلى قومه وعاشوا في رغد من العيش وأنتجوا أولاداً مؤمنين صالحين. [2]
هنا ومما ذكرنا من القصة القرآنية التي أمرنا بأخذ العبر منها نبي غاب عن قومه وواعدهم بنزول العذاب وموقف العالم المشرف الذي جعل أهل نينوى يضجون إلى الله عز وجل ورفع الله عنهم العذاب وأرجع إليهم نبيهم الغائب وعاشوا في رغد العيش معه ومتعهم الله إلى حين.
ونحن خلف هذه الأمة ابتلانا الله عز وجل بغياب إمامنا وقائدنا والحجة علينا الإمام المنتظر أرواحنا له الفداء وأقل الفداء كما غاب النبي يونس (عليه السلام) عن قومه لذلك فإن علينا أن نفر إلى الله عز وجل ونترك المعاصي والذنوب ونتوب توبة صادقة نعاهد الله على ذلك كما فر قوم النبي يونس (عليه السلام) واستشعروا الخطر المحيط بهم من نزول العذاب وتابوا توبة نصوحاً صادقة ، ونشكو إلى الله غيبة ولينا الحجة المنتظر (عجل الله له الفرج وسهل له المخرج) ونجعل لنا أورادنا مهدوية كدعاء الندبة ودعاء العهد ودعاء الفرج وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة والدعاء الدائم للإمام بالفرج فهذا الدعاء كما قال الإمام (عليه السلام) ما معناه ففيها فرجكم إذن نستطيع أن نعمل كما عمل قوم يونس (عليه السلام) علَّ الله أن يرحمنا ويظهر ولينا كما أرجع النبي يونس (عليه السلام) إلى قومه الذين أفاقوا من غفلتهم وهذه الأمة أكرم على الله من قوم يونس (عليه السلام) ونبيها المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكرم على الله من جميع الأنبياء (عليهم السلام) بما فيهم النبي يونس (عليه السلام).
لذا أدعو نفسي وأهيب بالمؤمنين أن يهيئوا أنفسهم لدولة الإمام وأن يفروا إلى الله عز وجل ليفرج هذه الغمة عن هذه الأمة إذن فظهور إمامنا الحجة (عليه السلام) بيد الله ثم بأيدينا لذا أرشدنا الإمام (عليه السلام) إلى الدعاء بالفرج ففيها فرجكم .
اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة ولينا وكثرة عدونا وقلة عددنا وتظاهر الزمان علينا ففرج عنا ياربنا بمحمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين .