عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله(ص) قال: ( الإيمان بضع وسبعون شعبة. فأفضلها قول لاإله إلا الله, وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان)راوي الحديث:- هو الصحابي عبد الرحمان بن صخر, كُني بأبي هريرة لهرة كان يلعب بها في صغره, وهو من قبيلة دَوس باليمن, قدم على رسول الله (ص) في السنة السابعة للهجرة, ولازم النبي (ص) الملازمة التامة رغبة في العلم حتى أصبح أكثر الصحابة رواية لأحاديث الرسول (ص).
مات في المدينة المنورة سنة سبع وخمسين من الهجرة, وعمره قد كان ثمان وسبعون سنة, ودفن بالبقيع.
بعض المعاني للمفردات والتراكيب :-الإيمان : تصديق القلب, ونطق اللسان, وعمل الجوارح.
بضع : البضع في الأعداء من الثلاثة إلى التسعة.
شُعبة : جمعها شُعب, وشُعب الشجرة أغصانها. والمراد: خصلة.
إماطة : إزالة.
الأذى : مايؤذي كحجر وشوك وقذر ونحو ذلك.
الحياء : خُلُقٌ يبعث على فعل الحسن واجتناب القبيح.
شرح الحديث :- الإيمان الكامل المشتمل على تصديق القلب وقول اللسان وعمل الجوارح شبيه بالشجرة ذات الفروع الكثيرة, والعدد هنا غير مقصود لأن القصد كثرة شُعب الإيمان وتعددها, وأنها تتفرع من أعمال القلب, وأعمال اللسان, وأعمال الجوارح.
فأعمال القلب كالإيمان بالله سبحانه وتعالى, والإخلاص له, ومحبته ومحبة نبيه(ص), والخوف والرجاء, والتوكل على الله والاستعانة به....وغيرها الكثير, وأعمال اللسان كالذكر, والتسبيح, والاستغفار, والدعاء, وتلاوة القرآن الكريم...وغيرها.
وأعمال الجوارح كالصلاة, والزكاة, والصوم, والحج, وإطعام الطعام, وصلة الأرحام...وغيرها, وأفضل هذه الشعب وأعلاها هو شهادة ألا إله إلا الله وإفراده بالعبودية, والخلوص من الشرك وأهله.
إماطة الأذى من شُعَب الإيمان :- ومن أدنى شُعَب الإيمان إزالة جميع مايتأذى به الناس في طرقاتهم, وأماكنهم العامة كالمدارس والمستشفيات والحدائق وغيرها من شوك وأوساخ, وهو لاشك من العمل الصالح الذي يرشح صاحبه للفوز بشكر الله ومغفرته, قال رسول الله (ص) : (بينما رجل يمشي بطريق وجد فصن شوك على الطريق فأخره, فشكر الله له فغفر له).
الحياء من أخلاق المؤمن :-خلق الحياء غريزة في الإنسان, تبعثه على فعل الطاعات, واجتناب المعاصي والآثام. قال الرسول (ص) : (إن لكل دين خُلُقاً, وخُلُقُ الإسلام هو الحياء).
وبهذا الاعتبار كان الحياء من الإيمان إذ يصرف صاحبه إلى الخير وإلى طاعة الله سبحانه وتعالى, قال رسول الله (ص) : (الحياء لايأتي إلا بخير)ومن مظاهر الحياء: غض البصر, والبعد عن كل قبيح من قول أو عمل, وخفض الصوت عند التحدث مع الكبار, وعفة اللسان, والبعد عن التلفظ بالفحش والكذب.
ومن الأمور التي ينبغي أن يعرفها المؤمن الحيي القدرة على التفريق بين خلق الحياء وبين الخجل, فالخجل مرض اجتماعي خطير قد يؤدي بصاحبه إلى التنازل عن حقه, والخشية من قول الحق اعتقادا منه أن ذلك من الحياء, فيصبح جبانا ضعيفا.
فالمسلم لايستحي من الحق, لكنه يستحي من فعل المعاصي خشية الفضيحة في الدنيا, والفضيحة الكبرى في الآخرة أمام الله والملائكة والملأ الأعلى حين تنكشف الأعمال وتنطق أعضاؤه بأفعاله في الدنيا.
ونستنتج من هذا الموضوع أمور عدة منها :- - عظمة الإسلام حيث نظم جميع مجالات الحياة.
- الحث على أفعال الخير لأنها من شُعب الإيمان.
- أعظم درجات الإيمان لا إله إلا الله.