موضوع: الأغــاني الشــعبية والدينية في رمضــان الأربعاء ديسمبر 09, 2009 5:55 am
ابراهيم السالم* *موسيقي عراقي
أعتادت شعوب الارض باختلاف السنتها وألوانها وثقافتها واديانها ان تحتفل بأعيادها الدينية والاجتماعية وتضع لها طقوسا وكرنفلات ملونة ومن المعروف ان الاعياد لم تأت جزافا وانما جاءت تنظيما للحياة بايحاء من الكهنة ومنذ اقدم العصور والناس يتوارثون تلك القطوس حتى التصقت بهم واسموها عادات وتقاليد ففي اكثر البلدان تطورا نرى تلك الطقوس والاحتفالات وللعرب والمسلمين عادات وتقاليد واحتفالات وطقوس سامية وممتعة ومفيدة تقرب الناس الى خالقهم وترفعهم نحو صلة الرحمن وما شهر رمضان المبارك الا انموذجا رائعا فيه تطهر النفوس وتسمو وتستعد لأحلى عبادة الا وهي الصوم وفي رمضان نشاطات متعددة وله طقوس خاصة وفيه اغان متميزة وأهم هذه الطقوس هي ليلة (القرقيعان) كما تسمى في جنوب العراق ودولة الكويت و(الكريكشون) في قطر و(الكركعون) في البحرين و(حكر الليلة) في الامارات و(الوحوي) في مصر و(الطلعة) في بلاد الشام وفي بغداد (الماجينا) ويكاد الاتفاق يخيم على البلاد الاسلامية وفي الليالي البيض من رمضان الا انه يوجد اختلاف بسيط في الكلام والمسألة تتعلق بالاطفال والشباب اناثا وذكورا فليالي الماجينا في بغداد معروفة وأصلها (باجينا) والباجي هي سيدة ذات منزلة مهمة بين العائلة اما في جنوب العراق والخليج العربي فيخرج الاطفال على شكل مجاميع يعلقون اكياسا في اعناقهم ويحملون الدنابك او الاخشاب ويضربون عليهابايقاع الخيالة وهم يرددون كركيعان وكركيعان عادت عليكم الصيام كل سنة وكل عام
ثم يشرعون بالدعاء لاهل البيت فردا فردا: الله يخلي راعي البيت آمين بجاه الله واسماعيل آمين الله يخلي حمودي آمين اما دعاء اهل قطر والبحرين أكرشوون أكريشون الله يخلي الزغيرون آمين وبجاه الله واسماعين آمين جداب بيتكم دلة عسى الفكر ما يدله
وتحصل بعض المعاكسات حينما يهمل اهل البيت الجموع الزاحفة في تلك اليلة فينقلب الدعاء الى مداعبة فيقول اهل الامارات: جدام بيتك طاسة وعجوزكم محتاسة وذلك بعد ان يرددوا ولمرات عديدة ياأهل السطوح تنطونا لو روح
أما في مصر فينورون الفوانيس من اول ليل ويجيبون الطرقات ويرددون : وحوي يا وحوي اياحا وكمان وحوي اياحا
وقد بحثت عن معنى (الوحوي) وسالت العشرات من مثقفي مصر ولم احصل على جواب مقنع ثم انهم لن يتفقوا على رواية واحدة. وتكاد بلاد الاسلام تتفق على فعالية غنائية اخرى الا وهي فعالية المسحراتي او ابو الطبل او ابو طبيلة او المسحر وتختلف الاسماء لهذا الرجل الذي يخرج بطبلته الكبيرة او ما يسمى بالدمام الذي يعلق بالرقبة ويضرب على جانبيه بالعصا بايقاع تقليدي ثابت يكاد يكون متفق عليه (دم أس دم دم دم أس دم دم دم اس اس دم دم) ويردد باعلى صوته قوموا يا نيام وأستعدوا للصيام اصحا يا نايم واحد الدايم الى آخر الجمل المعروفة وهذه الفعالية في النصف الثاني من الليل ابتداء من اول ليلة وقد ألهم شهر رمضان الكريم الشعراء والملحنين فصنعوا قوالب لحنية تتحدث عن فضائل رمضان وبركاته وتناقش مشاكل الصائم وتصف اساليب عبادته ونذكر بعض الاغاني الملتصقة في هذا الشهر الكريم فلاستقباله غنى عبد المطلب من الحان محمود الشريف (رمضان جانه وفرحنا به بعد غيابه ، اهلا رمضان)، كما صنع الفنان احمد عبد القادر( اغنية وحوي يا وحوي) وغنى مصطفى كريدة (رمضان يا سبحة وسجادة وللثلاث المرح ايدو الفوانيس) وكتب الشاعر صلاح جاهني في زوايا متعددة عشارت الاغاني نذكر منها حول مائدة رمضان اغنية (الراجل ده حكيني للثنائي فؤاد المهندس وصباح ولدينا في العراق نماذج كثيرة منها اغنية ماجينا يا ماجينا لسلامة والاغنية بات حلوة برمضان اللعبات ولاهل المربعات دور فاعل في ترويج الاغنية الشعبية الرمضانية كذلك فأن هناك الحانا ثابتة ورصينة صنعها رواد الاغنية العراقية ولا زلنا نستمع اليها في كل رمضان ومنها من يذكر فيها رمضان كأغنية المجموعة ياشهر الله وأغنية رضا علي (يا عباد الله اذكروا الرحمن) وهناك اغان تصلح لكل وقت ولكنها تروج في رمضان كأغنية ناظم الغزالي قوموا صلوا الفجر بين وأغنية مائدة نزهت (الهنا ما اعظمك) وقد لحن روحي الخماش دعاء الصائم بطريقة تتلاءم وتنسجم مع الشهر الفضيل وهي تبث من اول يوم الى آخر يوم من رمضان تقول كلماتها: (يااله الكون انا لك صمنا، وعلى رزقك افطرنا وانا لصيام الغد يا رب نوينا فتقبل صومنا يارب منا. وحين ينتهي رمضان هناك اغان لوداعه اكثرها شهرة وانتشارا اغنية شريفة فاضل (تم البدر بدري والايام بتجري). وكنا لا نسمع الا التواشيح والاغاني التي تواكب الصائم وتشجعه وتقدم له النصيحة وكان لها وقع في نفس الصائم ولها تأثيرا واضح عليه حتى كانت الناس تحفظ تلك الاغاني وترددها في رمضان من بيت المقام العراقي نتمنى من الاذاعات العراقية ان تستخرج هذه الاعمال من بين الانقاض وتبثها في رمضان لأننا في حاجة اليها.